صباح الاثنين 21 شباط 2022
لقد تدهور الوضع على الحدود بين أوكرانيا وجمهوريتي منطقة دونباس إلى أقصى حد. وتكثف الوحدات المسلحة الأوكرانية قصف أراضي جمهوريتي دونيتسك ولوهانسك الشعبيتين مما خلق الحاجة إلى إجلاء جماعي للسكان. في الوقت نفسه، تصعّد وسائل الإعلام الغربية والأوكرانية الموالية للغرب والقومية من حرب المعلومات ضد روسيا. ومن الواضح أن الوضع يشير إلى تنسيق وثيق بين الاستفزازات العسكرية والعدوان الإعلامي.
ان رئيس الولايات المتحدة يقوم على نحو متزايد وعلني بتدبير المغامرات الخطيرة. ويعلن بايدن شخصيًا تواريخ متخيلة لبدء حرب روسيا ضد أوكرانيا، ويعلق على اشتباكات في دونباس، ويوبخ زيلينسكي [الرئيس الاوكراني] مرة لقوله إنه لا يرى أي علامات على استعدادات روسيا للعدوان، وفي مرة اخرى لقيامه برحلة في توقيت غير مناسب إلى مؤتمر ميونيخ للأمن. بعبارة أخرى، تتعمد واشنطن إثارة توترات متزايدة في العلاقات الروسية الأوكرانية.
لقد أشارت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي لروسيا الاتحادية مرارًا وتكرارًا إلى أن هدف السلطات الأمريكية ومن يشاطرها الرأي في لندن هو الاستعباد النهائي لأوكرانيا واستنزاف روسيا كليا. وفي الوقت نفسه، يجري متابعة مشروع تقويض الإمكانات الاقتصادية للاتحاد الأوروبي وتقليل نفوذه في العالم المعاصر. إن الحرب في وسط أوروبا، وفرض العقوبات على روسيا، وتراجع النشاط الاقتصادي في الاتحاد الأوروبي سيزيد من المزايا التنافسية للولايات المتحدة. وتسعى واشنطن، التي أصبحت أضعف في منافستها العالمية مع الصين الاشتراكية، إلى حل مشاكلها من خلال تدمير اقتصادات حلفائها في الناتو. وفي الوقت الحاضر، أولئك الذين يتحركون وفقًا لقواعد أنجلو سكسونية يُخضعون روسيا باستمرار لوابل من الاتهامات و “لا يلاحظون” الإجراءات الاستفزازية التي تتخذها حكومة كييف. لقد تم تجاهل حقيقة أن أوكرانيا تتحول خطوة بخطوة منذ فترة طويلة إلى “دولة بانديرا” [أي على غرار الدولة التي سعى لانشائها القومي المتطرف ستيفان بانديرا المتواطىء مع الاحتلال النازي في الحرب العالمية الثانية]. ويتظاهر القادة الغربيون بأنهم لا يعرفون معنى وروح قرارات محاكمة نورمبرغ. والشركات الكبيرة في الولايات المتحدة وأوروبا، التي كانت متواطئة عند صعود هتلر إلى السلطة، مستعدة اليوم للتواطؤ في إراقة الدماء والعدوان. لقد دفعت البشرية في منتصف القرن الماضي ثمن هذه السياسة بالملايين من ارواح البشر. وخسر الشعب السوفياتي وحده 27 مليون شخص من أرواح رجاله ونسائه في الحرب ضد الفاشية.
إن الحزب الشيوعي لروسيا الاتحادية مقتنع بأن الابتزاز العسكري الغربي يجب أن يلقى ردًا قويًا يتمثل بموقف روسيا الحازم في الدفاع عن السكان المدنيين في دونباس ومعاقبة المعتدين. إن وضع حد لتصرفات الغرب الهادفة إلى تحويل أوكرانيا إلى دولة فاشية يبرز باعتباره المهمة الرئيسية للمجتمع الدولي. ان الوضع يدفع إلى اتخاذ المجموعة التالية من اجراءات الطوارئ.
أولا. من الضروري مساعدة الأطفال والنساء وكبار السن – جميع اللاجئين من دونباس – الذين يبحثون عن ملاذ من الحرب على اراضي روسية. وندعو الجميع إلى تقديم كل المساعدة التي يحتاجونها. يجب أن يشمل هذا العمل هيئات الدولة والأحزاب والحركات والمؤسسات والمنظمات والمواطنين في بلدنا.
ثانيا. أصبح نداء مجلس الدوما [البرلمان] إلى رئيس روسيا الاتحادية للاعتراف باستقلال جمهوريتي دونيتسك ولوهانسك الشعبيتين أكثر أهمية من أي وقت مضى. واليوم يبرز مثل هذا القرار باعتباره الأساس لكبح العدوان على الجمهوريتين وحماية سكانهما.
ثالثا. لقد أصبح واضحًا تمامًا أن واشنطن تنفذ خطة متعددة الجوانب لاستعباد أوكرانيا، وشيطنة روسيا وإضعاف أوروبا. لا جدوى من الأمل في إجراء حوار مع ورثة بانديرا وشوخيفيتش [زعيمي تنظيمات قومية متطرفة تواطأت مع الاحتلال النازي لاوكرانيا في الحرب العالمية الثانية ، لا سيما بالنظر إلى أن لديهم رعاة أقوياء. يجب اتخاذ سلسلة من الإجراءات لإرغام المتسببين بسفك الدماء على السلام.
رابعا. على الساحة الدولية، حان الوقت لشن هجوم سياسي حاسم ضد أي محاولات لإعادة تأهيل الفاشية. على الساحة الدولية، ينبغي للسلطات الروسية أن تستخدم كل نفوذ بلدنا في المنظمات الدولية لهذا الغرض. وفي الحركات المتنامية المناهضة للفاشية والحرب، نقترح استخدام الترسانة الكاملة للتفاعل الثنائي والمتعدد الأطراف مع البلدان الأخرى، والاستفادة على نطاق واسع من الدبلوماسية البرلمانية والشعبية.
يجب أن يدرك الجميع أنه قد تم إلغاء الآليات الديمقراطية في أوكرانيا. بعد الانقلاب الذي وقع عام 2014، أصبحت السياسة الحقيقية على أراضيها تمليها بشكل متزايد العصابات القومية العدوانية. إنهم يمثلون أقلية إرهابية كليا، ويخيفون الشعب الأوكراني ويفرضون قواعد سلوك على أعضاء المؤسسة السياسية. وهذا يفسر التحول السياسي لفلاديمير زيلينسكي. فبعد ان انتخب من قبل الأوكرانيين كرئيس للسلام في دونباس ولتطبيع العلاقات مع روسيا أصبح وسيلة لتنفيذ سياسة معاكسة.
في الوضع الحالي، لا يمكن انجاز مهمة تحرير أوكرانيا من “ديكتاتورية بانديرا” [اي ديكتاتورية اليمين القومي الفاشي] من قبل الشعب الأوكراني نفسه. فالسكان المدنيون في البلاد لا يزالون قادرين جزئيًا على التعبير عن رأيهم من خلال ما تبقى من الإجراءات البرلمانية، لكنهم لا يستطيعون معارضة قوى الإرهاب المدججة بالسلاح. ان مهمة اجتثاث النازية في أوكرانيا يجب أن تصبح الشغل الشاغل للمجتمع الدولي.